
اضطرابات النطق واللغة عند البالغين- الجزء الثاني
لعل أبرز المشكلات التي يجب التسليط الضوء عليها عند الحديث عن اضطرابات النطق واللغة عند البالغين؛ هما مشكلتا:
- ضعف أو فقدان القدرة على الكلام( Aphasia)
- خلل النطق التشنجي (Spasmodic Dysphonia).
و قد وضحنا في مقالة سابقة أمثلة أخرى عن اضطرابات النطق واللغة عند البالغين و ما هي أعراض كل منها و كيف يتم التعامل مع المصابين بها
ما هي الـ (Aphasia)؟
كأحد أشكال اضطرابات النطق واللغة المكتسبة، تصنّف( Aphasia) على أنها ضعف أو عدم القدرة على الكلام لأسباب و اضطرابات عصبية لغوية يكون سببها في الغالب إصابات في الدماغ و تحديداً الشق الأيسر من المخ، و قد تتضمن الإصابة خللاً في أحد المهارات التالية:
- التعبير باستخدام اللغة المحكية.
- إدراك اللغة المحكية.
- التعبير بالكتابة.
- إدراك وفهم النصوص المقروءة.
و بذلك تكون قدرات المصاب على التواصل معتمدة على الأعراض و الاضطرابات التي تصاحب حالته (1).
لنأخذ على سبيل المثال ضعف القدرة الكلامية الأولي الحاد( Primary Progressive Aphasia) و الذي سيظهر فيه بوضوح عدم قدرة المصاب على استخدام الكلمة في موقعها المناسب في الجملة أو توظيفها في مكان مناسب يؤدي إلى المعنى الصحيح للجملة، و قد يعجز حتى عن تسمية بعض الأشياء.(19)
و على الرغم من أن المصابين بـ( Aphasia) يمتلكون قدرات إدراكية طبيعية وسليمة؛ مثل: الذاكرة، لكنّ من الممكن أن تتعرض قدراتهم الإدراكية إلى اعتلالات في وقت لاحق من الإصابة.(1)
و لأن الأعراض تختلف من مصاب إلى آخر، و تتغير عند المصاب نفسه حسب الفئة العمرية و الوضع الصحي الذي يمر به و حسب استجابته للعلاج، و تداخلها مع بعض الأنواع الأخرى لاضطرابات النطق واللغة؛ مثل: اضطراب تعذر النطق ( Apraxia)، و عسر الكلام ( Dysarthria)، أصبح من الضروري وضع تصنيف يوضح أشكال( Aphasia) و أعراضها، مع ملاحظة إمكانية تغيُّر تصنيف المصاب حسب العوامل التي ذكرناها و مع تقدمه في السن.(1)
تصنيف (Aphasia)
1. اضطرابات تترافق مع طلاقة في النطق:
يكون المصاب قادر على تشكيل جمل كاملة التركيب و سليمة و لكن ينقصها المعنى، ويصنف هذا النوع إلى صنفين رئيسيين:
أ- طلاقة في النطق مع إدراك اللغة بشكل سليم، و لهذا النوع شكلان:
– الحبسة التوصيلية ( Conduction Aphasia) و تتمثل بعدم قدرة المصاب على إيجاد الكلمات المناسبة التي تعبر عن المعنى الذي يرغب في إيصاله، وعدم قدرته على تكرار الجمل القصيرة.
– الحبسة الشريحية ( Anomic Aphasia) و تتمثل بصعوبة إيجاد المريض للكلمات المناسبة التي تعبر عن أفكاره، و استخدام مصطلحات الحشوة بين الكلمات، مثل: حسناً، اسمع، وغيرها من المصطلحات بشكل متكرر، و الإطناب في الكلام، ولكن تكرار الكلمات و الجمل القصيرة يكون طبيعياً.
- طلاقة في النطق مع اضطراب في إدراك اللغة، و شكلا هذا النوع هما:
أ) حبسة فيرنيك (Wernicke’s Aphasia):- و يواجه فيها المصاب صعوبة في تكرار الكلمات أو الجمل القصيرة.
ب)الحبسة المرتبطة بقشرة الدماغ المتصلة بالأعصاب الحسية (Transcortical Sensory Aphasia):- و تتميز بأن المصاب يبدأ بتكرار الأسئلة التي توجه إليه بدلاً من الإجابة عليها بظاهرة يطلق عليه اسم ( Echolalia )، لكن تكرار الكلمات و الجمل القصيرة يكون طبيعياً.
2. اضطرابات تترافق مع عدم طلاقة في النطق:
يواجه المصاب صعوبة شديدة في تكوين الجمل، و تكون الجمل غير خاضعة لقواعد اللغة، لكنه يستطيع التعبير بكلمات مفردة تعبر عن المعنى، و الأصناف الرئيسية لهذا النوع:
عدم طلاقة في النطق مع إدراك اللغة بشكل سليم، و شكلا هذا النوع هما:
أ. حبسة بروكا ( Broca’s Aphasia) و يواجه فيه المصاب صعوبة في تكرار الكلمات و الجمل القصيرة.
ب. الحبسة المرتبطة بقشرة الدماغ المتصلة بالأعصاب الحركية (Transcortical Motor Aphasia) و تتميز بقدرة المريض الكبيرة على تكرار الكلمات و الجمل القصيرة إلا أن استجابته تكون بطيئة في الإجابة على الأسئلة الموجهة إليه.
عدم طلاقة في النطق مع اضطراب في إدراك اللغة، والشكل الرئيسي لهذا النوع هو: الحبسة الشاملة ( Global Aphasia) و هو من أشد أنواع الاضطرابات اللغوية التعبيرية و فهم اللغة المحكية، و يستخدم فيها المصاب إيماءات و تعابير الوجه فقط للتواصل. (22)
يبدأ تشخيص اضطراب ضعف أو انعدام القدرة على الكلام بملاحظة المصاب و من حوله ظهور بعض الأعراض و يوثق بعد مراجعة أخصائي السمع و النطق الذي يستطيع تحديد الحالة و تمييزها عن باقي اضطرابات النطق واللغة الأخرى بدقة، لتبدأ بعدها رحلة العلاج.(1)
تشخيص خلل النطق التشنجي
الطريقة الوحيدة للتشخيص هي بمساعدة أخصائي السمع و النطق و الطبيب المختص؛ ليتم فحص الأحبال الصوتية للمصاب و حركتها أثناء الكلام والتنفس.(1)
يعد تشخيص خلل النطق التشنجي معقداً بعض الشيء؛ لأنه يتداخل مع بعض أنواع اضطرابات النطق و اللغة الأخرى، بالإضافة إلى أن الانقباضات المطلوبة لإثبات التشخيص بالخلل لا تظهر إلا عند النطق بأصوات كلامية محددة.(21)
يستخدم الطبيب المنظار البلعومي (Laryngoscopy) أو التصوير البلعومي بالفيديو (videokymography)، لقياس توزيع إنتاج الصوت بين الأحبال الصوتية و ملاحظة أي تأخر في بدءها إنتاج الصوت و فحص واهتزازاتها.(21)
يعمد التشخيص المبكر لخلل النطق التشنجي على تخفيف وتيرة ازدياد حدة الإصابة مع التقدم في السن، مع متابعة العلاج مع أخصائي السمع و النطق و اتباع الإرشادات و النصائح التي يجب مراعاتها في النشاطات اليومية و أثناء العمل.